المنهج والمنهاج والبرنامج
المنهج : La méthode
المنهج كما ورد في موسوعة لالاند، هو مجهود لبلوغ غاية، وهو طريقة نصل من خلالها إلى نتيجة معينة ... كما أنه أيضا خطة تنظم مسبقا سلسلة عمليات ينبغي إكمالها، وتدل على بعض الأخطاء الواجب تجنبها بغية نتيجة معينة؛ إنه مجموع المراحل أو الخطوات التي تتبع من طرف الباحث في دراسة موضوع ما أو ظاهرة من الظواهر (فيزيائية، رياضية، بيولوجية، إيكولوجية، سوسيولوجية، سيكولوجية...)؛ لذا تتعدد المناهج وتتنوع حسب الظاهرة المدروسة ... فنجد مثلا المنهج الوصفي، والمنهج العلمي، والمنهج التاريخي، والمنهج التركيبي، والمنهج الذاتي، والمنهج الكمي، والمنهج المقارن ..
مفهوم المنهاج : (Curriculum)
المنهاج لغة : أصل الكلمة نهج ومنهاج بمعنى؛ الطريق الواضح. ومنه أيضا انتهج الرجل بمعنى سلك، وقيل طلب النهج أي الطريق الواضح. وقد وردت في القرآن الكريم في سورة المائدة الآية 48 " لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا " بمعنى الطريق الواضحة التي لا لبس فيها ولا غموض.
أما كلمة المنهاج في الإغريقية فتعني الطريقة التي ينهجها الفرد حتى يصل إلى هدف معين.
وفي الإنجليزية تقابل كلمة المنهاج (Curriculum)، و هي كلمة مشتقة من جذر لاتيني ومعناها ميدان السباق.
المنهاج اصطلاحا : عرف المنهاج بتعريفات عديدة ومتباينة تبعا لمنطلقاتها الفلسفية فمن تعريف يركز على المادة الدراسية إلى آخر حول حاجات المجتمع وقيمته، إلى ثالث يجعل محوره التلميذ وحاجاته وميوله واتجاهاته، إلى رابع يحاول الدمج بين كل ما سبق، وتشير هذه التعاريف إلى أنه :
مجموع الخبرات التربوية والأنشطة التعليمية التي توفرها المدرسة ليتفاعل معها التلاميذ داخلها وخارجها تحت إشرافها بقصد تغيير سلوك التلميذ نحو الأفضل في جميع المواقف الحياتية.
هو مجموع الخبرات التربوية المخططة التي تقدمها المدرسة للتلاميذ داخلها وخارجها؛ بقصد تعديل سلوكهم ومساعدتهم على النماء الشامل المتكامل وفق إطار معين متمايز.
وقيل هو الدستور الذي تسير عليه الخطة التعليمية.
أو هو "خطة عامة تنظم عملية التدريس، وهو يشمل بالدراسة المدخلات المخرجات وما بينهما من عمليات تربوية أساسية لا يمكن الاستغناء عنها. وفي المعجم الفلسفي لجميل صليبا، هو خطة الدراسة لمجموعة من الموارد الدراسية والخبرات العملية الموضوعة لتحقيق أهداف تربوية. وهو يشتمل على مجموعتين أساسيتين : المعلومات المستمدة من التراث الثقافي لقيمتها الموضوعية، ومجموع الخبرات التي يمارسها الطفل بنفسه.
و"المنهاج هو الخيارات التربوية والمعرفية التي تتيحها المدرسة للتلاميذ داخل حدودها أو خارجها بغية مساعدتهم على نمو شخصيتهم في في جوابها المتعددة نمو ينسجم والأهداف المسطرة (دو لاندشير).
و"هو كل ما تقدمه المدرسة لتلامدتها لتحقيق نموهم الشامل نموا روحيا وعقليا وجسميا ونفسيا واجتماعيا في تكامل واتزان" (L'DHAINANT)
أو هو "وثيقة بيداغوجية رسمية تصدر عن وزارة التربية الوطنية لتحديد الإطار الإجباري لتعليم مادة دراسية"
استنتاج : رغم الإختلافات في جل التعاريف المقدمة للمنهاج، فإننا نستنتج أن المنهاج يتمثل في مجموع الخبرات التي تهيأ للمتعلمين قصد مساعدتهم على النمو الشامل والمتكامل كي يكونوا أكثر قدرة على التكيف مع الذات ومع الآخرين .. كما أنه أهم يضعها المجتمع لتربية الأجيال وفق الصورة النموذجية التي يرغب أن يكون عليها الجيل الناشئ.
البرنامج : Le programme
إن التلازم التركيبي الذي يوظف غالبا عند إطلاق المناهج ملازمة للبرامج، أو العكس كقولنا المناهج والبرامج أو مديرية المناهج والبرامج، قد يجعل يتوهم أن العطف بين هذين المكونين يفيد الترادف.
والواقع، أنه إذا كانت المناهج تصورا استراتيجيا وشاملا لبناء شخصية المتعلم في مختلف أبعادها فإن البرنامج هو"لائحة المواد الواجب تدريسها مصحوبة بتعليمات تبرزها وتقدم مؤشرات حول الطريقة أو المقاربة التي ينظر إليها مؤلفوها بأنها الأحسن أو الأكثر دقة لتدريس تلك المحتويات. وهو تفصيل الدروس والأنشطة مصحوبة بالتوزيع الزمني، كما أنه التنبؤ بما سيدرس في مستوى دراسي معين وفي تخصص معين وفي زمن معين... ويجري تدريسه على مدى سنة دراسية، ويرتبط بالمحتوى (أحد عناصر المنهاج) المراد تبليغه للمتعلمين، ويشمل عادة جرد الموضوعات/ التي يتعين دراستها في مادة تعليمية خلال فترة زمنية معينة تحدد غالبا في سنة دراسية بكاملها.
الفرق بين المنهاج والبرنامج :
من خلال ما سبق يتضح أن؛
المنهاج أهم وسائل التربية المعتمدة لتحقيق الغايات والأهداف العامة.
إنه خطة شاملة وواضحة وهادفة تسعى دائما إلى إحداث التغييرات المطلوبة في شخصية المتعلم معرفيا وجدانيا ومهاريا.
يتجسد في خبرات التلاميذ وليس في الكتب والمقررات فقط.
يستمد معطياته من عدة أسس مترابطة؛ فلسفية ومعرفية ونفسية واجتماعية.
المنهاج أشمل من البرنامج، إذا هو المكون الثاني من المكونات/ العناصر الأربعة التي يتشكل منها المنهاج، علاوة على الأهداف والطرق والتقويم.
تعتبر المدارس الغربية من بين الأسباب التي ساهمت في اللبس الحاصل بينهما؛ فالمدرسة الانجليزية تستعمل مصطلح المنهاج (Curriculum)، والمدرسة الفرنسية توظف مصطلح البرنامج (Le programme).
مكونات المنهاج وعناصره :
- الأهداف والكفايات.
- المحتوى.
- الطرق والوسائل.
- التقويم.
المنهاج القديم والمنهاج الحديث :
المفهوم التقليدي للمنهاج : يعني المنهج المدرسي في مفهومه القديم أو التقليدي مجموع المعلومات والحقائق والمفاهيم والأفكار التي يدرسها التلاميذ في صوزة مواد دراسية. اصطلح على تسميتها بالمفردات الدراسية.
العوامل التي أدت إلى تطوير مفهوم المنهاج :
التغيير الثقافي التاشئ عن التطور العلمي والتكنولوجي.
التغيير الذي طرأ على أهداف التربية وعلى النظرة إلى وظيفة المدرسة بسبب التغييرات التي طرأت على احتياجات المجتمع في العصر الحديث.
نتائج البحوث التي تناولت الجوانب المتعددة للمنهج التقليدي والتي أظهرت قصورا جوهريا فيه وفي مفهومه.
الدراسات الشاملة التي جرت في ميدان التربية وعلم النفس، ةالتي غيرت الكثير مما كان سائدا عن طبيعة المتعلم وسيكولوجيته.
طبيعة المنهاج التربوي نفسه، فهويتأثر بالتلميذ والبيئة والمجتمع والثقافة والنظريات التربوية.
اعتقد المعلمون بأن عملهم يقتصر على توصيل المعلومات التي تشتمل المقررات الدراسية. وقد ترتب على ذلك آثار سيئة لعل من أبرزها ما يلي:
- اعتماد طريقة التدريس على الآلية (عمل المعلم هو التلقين)
- فصل المقررات الدراسية وعدم ترابطها مع بعضها.
- فصل المقررات الدراسية وعدم ترابطها مع بعضها.
- إجبار جميع التلاميذ للوصول إلى مستوى تحصيلي واحد (متساوون في القدرات)
- عدم نشجيع التلاميذ على البحث والإطلاع والمبادرة وتقديم الاقتراحات.
- ازدحم المنهاج بمجموعة ضخمة من الموارد المنفصلة التي لا رابط بينها استنادا الرأيين التاليين:
المعرفة هي الخير الأسمى.
الحاجة إلى دراسة مادة دراسية لتقوية التلاميذ.
المفهوم الحديث للمنهاج : عرف المنهاج التربوي الحديث بعدة تعريفات منها :
- المنهاج التربوي هو جميع الخبرات (النشاطات أو الممارسات) المخططة التي توفرها المدرسة لمساعدة التلاميذ على تحقيق النتاجات التعليمية المنشةدة.
- هو كل دراسة أو نشاط أو خبرة يكتسبها أو يقوم بها التلميذ تحت إشراف المدرسة وتوجيهها سواء أكان ذلك داخل الفصل أو خارجه.
- هو جميع أنواع النشاط التي يقوم التلاميذ بها، أو جميع الخبرات التي يمرون فيها تحت إشرافها يقصد مساعدتهم على النمو الشامل وعلى تعديل في سلوكهم.
- هو مجموع الخبرات التربوية الاجتماعية والثقافية والرياضية والفنية والعلمية ... التي تخططها المدرسة وتهيؤها لتلاميذها ليقوموا بتعلمها داخل المدرسة أو خارجها بهدف إكسابها أنماطا من السلوك.
من المبادئ التي يمكن استخلاصها من التعريفات السابقة للمنهاج التربوي بمفهومه الحديث ما يلي :
- أن المنهج ليس مجرد مقررات دراسية (نشاطات -خبرات)
- توفير اشروط الملائمة للتعليم الجيد
- الأخد بعين الاعتبار الفروق الفردية للطلاب، توقعاتهم، قدراتهم.
- مدى استخدام الطلاب للمعلومات والاستفادة منها.
- إن المنهج ينبغي أن يكون متكيفا مع حاضر التلاميذ ومستقبلهم.
من أبرز مميزات المنهاج التربوي بمفهومه الحديث : يعد بطريقة تعاونية، و يراعي عند تخطيطه وتصميمه ما يلي :
- واقع المجتمع، فلسفته وطبيعة المتعلم وخصائص نموه.
- يعكس التفاعل بين التلميذ والمعلم والبيئة المحلية وثقافة المجتمع.
- يتضمن جميع ألوان النشاطات التي يقوم بها التلاميذ.
- يتوافق مع الإمكانيات المادية والبشرية القائمة.
- يؤكد أهمية العمل الجماعي.
لتحميل مجلة علوم التربية
هنا